للتأويل ثلاث مراتب: قد يكون التأويل كفراً، مثل التأويلات الباطنية، وتأويلات الفلاسفة، وبعض التأويلات الكفرية، وبعض تأويلات الرافضة، كمن يؤول الصلوات الخمس بأنها الأئمة الخمسة، ويؤول الصوم بأنه حفظ الأسرار إِلَى غير ذلك، هذا التأويل كفر يخرج من الملة.
وقد يكون معصية يخرج صاحبه إِلَى البدعة، يُحكم عَلَى صاحبه أنه مبتدع ومُنحلٌ، وذلك مثل التأويلات التي ذكرناها -تأويل صفات الله عَزَّ وَجَلَّ مع نية تنزيهه.
وقد يكون خطأً، فبعض النَّاس لا يتعمد التأويل، وهذا موجود حتى في بعض كتب التفسير لـأهْل السُّنّةِ وَالْجَمَاعَةِ، وكتب الحديث لـأهْل السُّنّةِ وَالْجَمَاعَةِ، عندما يؤول بعض الصفات خطأ، فهذا لا يخرجه من أهْل السُّنّةِ وَالْجَمَاعَةِ.
فبعض علماء الْمُسْلِمِينَ المعتبرين قد يخطأ ويؤول بعض الصفات، فهذا خطؤه مغفورٌ له إن شاء الله، فقد يخطأ بعض الأئمة في فهم بعض الأحاديث في الصفات مع سلامة المنهج.
وأما من كَانَ منهجه وأصوله بدعية، فهذا من أهل البدع المتوعدين بعقوبة الله، إلاّ أن يتوب أو يغفر الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى له، ولا نقطع له بجنة ولا نار.
والتأويل المكفر، الذي ذكرنا إنما عد كفراً لأنه مضادة للقرآن،
وتعمد في تحريفه كما تعمدت اليهود، لما قال الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى((وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّداً وَقُولُوا حِطَّةٌ)) [البقرة:58] فقالت اليهود: "حنطة".
قال بعض العلماء: النون التي زادها اليهود في "حطة" وجعلوها "حنطة" مثل: اللام التي زادها المؤولة، فقالوا في استوى: "استولى" هذا وجه الشبه بينهم،
فالذي يزيد بنية المضادة أو الاستهزاء أو المحادة، فهذا يصبح من التأويل المكفر، أما الذي زاد لاعتماد أصول بدعية، فهو يدخل في باب التأويل المذموم المبتدع المتوعد عليه، وأما الذي أصوله صحيحة، لكن يقع منه خطأً كما يقع من سائر العلماء في سائر النصوص والأحاديث، فهذا يسمى خطأ، وهذا نرجو ألاّ يؤاخذ عليه عند الله تعالى، أما في الدنيا فنبين له؛ لأن الله تعهدنا بأن نبين الحق، وليس كلام أحد حجة وصواب إلا كلام مُحَمَّد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأما من عداه فإن كلامه يُبيّن وخطأه يوضح، دون أن ننتقص من قدره، ولا نخرجه من دائرة أهْل السُّنّةِ وَالْجَمَاعَةِ.